بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 29 يناير 2011

هل يعيد الشباب للنخبة دورها؟

أفق
هل يعيد الشباب للنخبة دورها؟
آخر تحديث:السبت ,29/01/2011
محمد ولد محمد سالم
مرت سنوات طويلة والنخب المثقفة معطلة في الوطن العربي، وإذا أنتجت فهي لا تنتج إلا انتاجاً فاسداً، بسبب ما أصابها من قهر وإذلال على مدى عقود طويلة لم يكن معها للمثقف غير خيارين، فهو إما أن ينحاز إلى الواقع ويبرر ما يجري فيه وينظّر له، وإما أن ينسحب بعيداً ويصمت إلى الأبد، وبذلك أصبح مغيب الدور، لا يساهم في حركة المجتمع، في الوقت الذي ينتظر منه أن يكون في طليعة المجتمع ورائد التنوير الذي يقود أمته إلى التحضر والتقدم، ويزرع في النفوس مبادئ المساواة والعدل والحرية .
ومع انسحاب المثقف أصبحت الساحة خالية للمتطفلين والوصوليين وكل أصناف الأدعياء ممن لا يخدمون مبادئ الوعي والحرية بل هم وبال عليها لأنهم يشوهونها، وقد سوغ هذا الواقع كثيرا من التحليلات التي تصف المثقف تارة بخيانة المبادئ وتارة بالسلبية من خلال انسحابه، وشاهدنا على صفحات الصحف والمجلات وشاشات التلفزيون كثيراً من المعالجات التي تتساءل عن دور المثقف وتدينه وتصفه بأنه عالة على المجتمع إمعاناً في إبعاده من ساحة الفعل، وقطع طريق وصول صوته إلى الآخرين .
ومع الحضور المكثف لأمريكا في الوطن العربي في ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، ومحاولاتها العلنية لتغيير الثقافة العربية عن طريق وضع مناهج تعليمية جديدة، تمحي من مقرراتها مبادئ الحرية والاستقلال، وتؤكد التبعية للغرب سعياً إلى تغريب العرب وتدجينهم ومحو هويتهم حتى لا يستطيعوا أن تقوم لهم قائمة بعد، مع هذا الحضور المكثف ومحاولات التدخل المتكررة في الشؤون الداخلية للوطن العربي، بدا أن المثقف قد استقال نهائياً وأن كل شيء قد انتهى إلى الاستكانة والتسليم بواقع التبعية والتخلف الذي تعيشه تلك المجتمعات .
لكن انفتاح الفضاء ودخول العرب على عصر الإنترنت أعطى بوادر أمل جديد، وبدا أن هناك وعياً جديداً يتشكل، وتقوده هذه المرة طوائف من الشباب ترعرعوا في ظل هذا الجو المكبوت، لكنهم فجأة اكتشفوا من تحت السور فجوة ظلت تزداد اتساعاً وتستقطب جماعات وجماعات، وكانت “المدونات” اللاعب الأكبر حيث نقلت بالصوت والصورة ما لا تنقله أجهزة الإعلام الرسمية، وبدأت نتشر الوعي في صفوف عامة الشعوب العربية، مما جعلها تستعيد الأمل من جديد وتتوق إلى نسائم الحرية، ونموذج فعل المدونات والمواقع الاجتماعية عبر الإنترنت في التوعية وتنمية المطالب المشروعة بالحرية والحقوق المدنية في تونس ومصر نموذج واضح لنشاط هؤلاء الشباب الجدد الذين أخذوا على عاتقهم المضي في النضال إلى آخر الطريق، وتلقفوا دور النخب المثقفة بعد أن ضعفت وخبا صوتها .
وتؤكد هذه الموجة الجديدة من الشباب، على الوعي والإصرار على التغيير والوقوف في وجه المسخ والتغريب، وفي وجه كبت الحرية وسلب حقوق الإنسان وعلى أن هذه الأمة لا تموت، وأن أسباب الوعي والنهوض كامنة في أعماقها، وأن لها قوة حضارية ذاتية قادرة في كل مرة على بعث الحياة كيانها، كما تعيد الأمل في أن تستعيد النخب المثقفة دورها بعد أن تكسر حاجز الخوف والصمت الذي كان يقف في وجهها .
Dah_tah@yahoo.fr
جريدة الخليج
الرابط http://www.alkhaleej.ae/portal/e97bfc77-f79b-432b-85f9-2508c5a4d8fd.aspx