أفق
شارع الأحلام
آخر تحديث:الثلاثاء ,05/07/2011
محمد ولد محمد سالم
ميزة أسماء الزرعوني بين الكتّاب الرواد في الإمارات أنها كاتبة مثابرة، ففي الوقت الذي توقف فيه الكثيرون عن الكتابة بقيت أسماء وقلة من زملائها يواصلون المسيرة، وها هي تؤكد من جديد حضورها بروايتها الجديدة “شارع المحاكم” الصادرة عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، وفي هذه الرواية تواصل نهجها في الاشتغال على المشكلات الاجتماعية ووضعية المرأة في المجتمع .
الميزة الأساسية في رواية “شارع المحاكم” أنها تشكل وثيقة اجتماعية ونفسية لواقع الحياة في شارع المحاكم في الشارقة في ستينات القرن العشرين، وخاصة حياة البنات طالبات المدارس، ورؤاهن وأحلامهن الصغيرة، وكفاحهن لتحقيق ما يحلمن به، فهي سيرة الكفاح وبداية تشكل الوعي عند المرأة الإماراتية، من خلال استرجاع البطلة “سلوى” لمسيرة حياتها هي وصديقاتها في ذلك الحي مركزة على أحلام أولئك البنات، وسعيهن للفوز بحياة سعيدة، كما تتضمن الرواية تداعيات اجتماعية متشابكة تتعلق بالزواج على وجه الخصوص، فلا تجد الفتاة من خيار سوى أن تذعن للواقع فتقبل بالزواج من قريبها كما قبلت “موزة” وكما تخلت “زهرة” عن خطيبها للاختلاف المذهبي، أو أن تتحدى المجتمع وتتزوج وتتحمل ما ينتج عن قرارها، كما فعلت “شيخة” التي أصرت أن تتزوج ذلك الشاب المصري الذي أحبته مضحية بعلاقتها بأهلها الذين قطعوا كل صلة بها، وحرموا عليها أن تدخل بيتهم بعد ذلك، فاضطرت إلى الانتقال إلى رأس الخيمة مقطوعة من كل صلات القربى والحنان والألفة التي تربت عليها، وكما هو حال البطلة نفسها التي هربت مع “سيف” إلى عمان ليتزوجا، ولتواجه بعد ذلك العنف والحبس من أهلها الذين أرغموها على الانفصال عن زوجها ليزوجوها بأحد أقاربها وتعيش حبيسة حياة لم تعرف لها طعما، وكثيرة هي القصص الأخرى التي تتضمنها الرواية لأولئك الفتيات اللواتي تتكسر أحلامهن على صخرة الواقع الاجتماعي بأطره المحددة سلفا، وبما يضعه من حواجز أمام أولئك الفتيات فلا يترك لهن كثيرا من الخيارات، ويوحي انكسار أحلام الفتيات بأن الكاتبة لا تناصر التمرد المطلق على المجتمع، لكنها أيضا ليست ضد الكفاح للوصول إلى تلك الأحلام بأقل الخسائر الممكنة .
يبقى أن هناك ملاحظتين أساسيتين على هذه الرواية أولاهما أن فيها مبالغة رومانسية تخرجها في بعض الأحيان عن حد المعقول وما يسمح به الواقع، فلا يوجد في تلك الظروف ما يجعل فتاة مرفهة وتعيش وسط أهلها وأبناء عمومتها مثل “شيخة” تهيم بحب “خادم” أبيها “سيف” وتضحي من أجله كل هذه التضحية، فهذا لا يحدث إلا في الخيال، كما أن لغة الحوار اشتطت في استخدام العامية إلى الحد الذي دخلتها معه “رطانة” الوافدين من غير العرب، وهو أمر غير مستساغ، خصوصاً أن أغلب النقاد مجمعون على أن استخدام العامية في الحوار ينبغي أن يكون في حدود ما يقارب الفصحى .
Dah_tah@yahoo.fr
الرابط: http://www.alkhaleej.ae/portal/5843104a-ad36-41ae-9fc8-31389453004a.aspx
شارع الأحلام
آخر تحديث:الثلاثاء ,05/07/2011
محمد ولد محمد سالم
ميزة أسماء الزرعوني بين الكتّاب الرواد في الإمارات أنها كاتبة مثابرة، ففي الوقت الذي توقف فيه الكثيرون عن الكتابة بقيت أسماء وقلة من زملائها يواصلون المسيرة، وها هي تؤكد من جديد حضورها بروايتها الجديدة “شارع المحاكم” الصادرة عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، وفي هذه الرواية تواصل نهجها في الاشتغال على المشكلات الاجتماعية ووضعية المرأة في المجتمع .
الميزة الأساسية في رواية “شارع المحاكم” أنها تشكل وثيقة اجتماعية ونفسية لواقع الحياة في شارع المحاكم في الشارقة في ستينات القرن العشرين، وخاصة حياة البنات طالبات المدارس، ورؤاهن وأحلامهن الصغيرة، وكفاحهن لتحقيق ما يحلمن به، فهي سيرة الكفاح وبداية تشكل الوعي عند المرأة الإماراتية، من خلال استرجاع البطلة “سلوى” لمسيرة حياتها هي وصديقاتها في ذلك الحي مركزة على أحلام أولئك البنات، وسعيهن للفوز بحياة سعيدة، كما تتضمن الرواية تداعيات اجتماعية متشابكة تتعلق بالزواج على وجه الخصوص، فلا تجد الفتاة من خيار سوى أن تذعن للواقع فتقبل بالزواج من قريبها كما قبلت “موزة” وكما تخلت “زهرة” عن خطيبها للاختلاف المذهبي، أو أن تتحدى المجتمع وتتزوج وتتحمل ما ينتج عن قرارها، كما فعلت “شيخة” التي أصرت أن تتزوج ذلك الشاب المصري الذي أحبته مضحية بعلاقتها بأهلها الذين قطعوا كل صلة بها، وحرموا عليها أن تدخل بيتهم بعد ذلك، فاضطرت إلى الانتقال إلى رأس الخيمة مقطوعة من كل صلات القربى والحنان والألفة التي تربت عليها، وكما هو حال البطلة نفسها التي هربت مع “سيف” إلى عمان ليتزوجا، ولتواجه بعد ذلك العنف والحبس من أهلها الذين أرغموها على الانفصال عن زوجها ليزوجوها بأحد أقاربها وتعيش حبيسة حياة لم تعرف لها طعما، وكثيرة هي القصص الأخرى التي تتضمنها الرواية لأولئك الفتيات اللواتي تتكسر أحلامهن على صخرة الواقع الاجتماعي بأطره المحددة سلفا، وبما يضعه من حواجز أمام أولئك الفتيات فلا يترك لهن كثيرا من الخيارات، ويوحي انكسار أحلام الفتيات بأن الكاتبة لا تناصر التمرد المطلق على المجتمع، لكنها أيضا ليست ضد الكفاح للوصول إلى تلك الأحلام بأقل الخسائر الممكنة .
يبقى أن هناك ملاحظتين أساسيتين على هذه الرواية أولاهما أن فيها مبالغة رومانسية تخرجها في بعض الأحيان عن حد المعقول وما يسمح به الواقع، فلا يوجد في تلك الظروف ما يجعل فتاة مرفهة وتعيش وسط أهلها وأبناء عمومتها مثل “شيخة” تهيم بحب “خادم” أبيها “سيف” وتضحي من أجله كل هذه التضحية، فهذا لا يحدث إلا في الخيال، كما أن لغة الحوار اشتطت في استخدام العامية إلى الحد الذي دخلتها معه “رطانة” الوافدين من غير العرب، وهو أمر غير مستساغ، خصوصاً أن أغلب النقاد مجمعون على أن استخدام العامية في الحوار ينبغي أن يكون في حدود ما يقارب الفصحى .
Dah_tah@yahoo.fr
الرابط: http://www.alkhaleej.ae/portal/5843104a-ad36-41ae-9fc8-31389453004a.aspx