بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 11 يوليو 2012

الكاتبة الإماراتية وقضية المرأة

أفق
آخر تحديث:السبت ,07/07/2012
محمد ولد محمد سالم

يسكن المجتمع وقيمه وعي الكاتبة الإماراتية بشكل دائم حتى وهي في قمة سعيها لاكتساب المرأة إرادتها والتخفيف من ضغوط القيود التي تحد من حريتها، فإنها لا تنسى الحدود التي ينبغي أن تتوقف عندها، ولا تتعداها ربما احتراماً لقيم المجتمع التي تربت عليها، فيكون سعيها للتحرر ليس سوى تعديل وضع داخل منظومة القيم التي لا ترفضها جذرياً .
في رواية “شجن بنت القدر” لسارة الجروان سيكون المرض القاتل ووصول الأب والأخ إلى “شجن” الهارب، هو الجزاء الذي تجازى به على تمردها، وخروجها على المجتمع، ويكون استعطاف الأب لها وطلبه السماح منها على ما فعله معها، هو البلسم المقابل لتلك النهاية المأساوية التي وصلت إليها البطلة، فمن ناحية حكمت القصة على التمرد التام والخروج عن قيم المجتمع بالفشل وبالنهاية غير الحميدة، ومن ناحية أخرى أعطت أملاً في أن الممارسات غير السوية التي كان يمارسها الآباء على بناتهم سوف تختفي، ويظهر نوع من التوازن الذي تكتسب فيه الفتاة حريتها وخيارها بما لا يهدم قيم المجتمع .
في رواية “شارع المحاكم” لأسماء الزرعوني سيمسك الأخ والأم بالبنت الهاربة ويعيدونها إلى أرض الوطن، بعد أن كانت أحبت شاباً كان يعمل لدى أبيها وهربت معه وكان في السابق يعمل لدى أبيها، فيكون رجوعها إعلاناً من الكاتبة أن هناك قيماً وبنية اجتماعية لا ينبغي القفز فوقها، أو تهديمها دفعة واحدة، وإن كانت الكاتبة بحيلتها تلك تعبر عن رفضها للأسباب التي أدت بالفتاة إلى الهرب، أسباب الممارسة الجائرة التي تتعرض لها البنت، لكنها لا تريد أن يخرج ذلك التعبير عن إطار الاحتجاج، والمطالبة بتعديل الوضع، ولا تسعى لهدم المجتمع .
في رواية “زاوية حادة” لفاطمة المزروعي تخضع البطلة لكل أنواع الظلم الاجتماعي ابتداء من التفريق بينها وبين أخيها لمجرد أنه رجل، وهي أنثى رغم أنها كانت تتفوق عليه في أشياء كثيرة، وتحاول الكاتبة إخضاعها لكل أشكال الممارسات الاجتماعية والنفسية التي تمارس على المرأة، وإبقاءها تحت السيطرة، ورغم كل ذلك فإن المزروعي بحثت عن نفق من الضوء داخل هذا المجتمع، وأعلنت احتجاجها على أشكال من الممارسة وليس على البناء القيمي الكامل .
هذا الاتجاه في معالجة قضية المرأة، يبدو اتجاها غالباً على الكتابات الروائية الإماراتية، ويمكن فهم ذلك عند حد معين بأن الكاتبة لا ترفض كل شيء في مجتمعها، ولا تقدم منظومة قيم مغايرة له، لأنها مشبعة بمنظومته القيمة والأخلاقية، وبالمبادئ التي تأسس عليها، وهي ضمنياً قابلة بها، لكنها تدين نوعاً من الممارسات التي ربما تكون انحرفت عن المبادئ الإنسانية والأخلاقية الأصيلة للمجتمع، وجارت على ذلك العنصر الضعيف، فمسعى الكاتبة هو محاولة لاستعادة مكانة المرأة في منظومة القيم، واستعادة هويتها كإنسانة لها احترامها، وهذا الموقف يعكس انتماء أصيلاً للمجتمع وقيمه .

dah_tah@yahoo.fr
http://www.alkhaleej.ae/portal/d6e6b45a-17cf-4afd-a1d3-72b255f30bf9.aspx