بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 4 مايو 2011

مسؤولية الروائي


أفق
مسؤولية الروائي
آخر تحديث:السبت ,09/04/2011
محمد ولد محمد سالم
لا أحد يحجر على قلم الروائي، ولا على ما يريد قوله، لكن مجرد إمساكه بالقلم واتجاهه إلى القارئ، يضعه أمام مسؤولية أنه يوجه رسالة إلى هذا القارئ، وأن عليه أن يحترم قارئه بدرجاته المختلفة، بدءاً بقارئه المواطن، فيسعى إلى ما يعزز الوطنية والإحساس بالانتماء إلى الأرض والشعب، وانتهاءً بقارئه القومي بما يعزز هويته وتطوره ويحترم قيمه وحضارته ويسهم في حضوره وفاعليته بين الأمم، وقارئه الإنساني بما يدافع عن قيم الحق والمساواة والعدل والحرية، ويؤازر التفاهم والأخوة والتسامح بين بني البشر .
تلك هي مسؤولية الروائي كما هي مسؤولية كل كاتب ومؤلف ومفكر، واع بخطورة موقعه في صناعة وتوجيه فكر الإنسان، وهي مهمات لا تتعارض لأن قيم الإنسانية مهما اختلفت أوعيتها الثقافية وأساليب تحقيقها بين الشعوب، متشابهة في جوهرها، فالعدل واحد سواء كان في حق فرد أو شعب أو أمة أو البشرية، ومن هنا كانت مهمة الرواية - كما هي مهمة الحدث الدرامي عامة - أن يدافع عن الخير وينحاز له، ويدين الشر ويقف ضده . ويحار المرء حين يقرأ رواية بأكملها فلا يعرف أين يقف منها، إذ تبدو باهتة الرؤية عديمة الملامح، لا يمكن تصنيفها في خانة معينة، ولا تقود إلى التعاطف مع بعض الشخصيات أو النفور من بعضها الآخر، ولا نعني هنا أن نقوّم الأمور بالأبيض والأسود، فتكون الشخصية إما خيّرة فنتعاطف معها، وإما شرّيرة فنمقتها، فليس هذا ما يبحث عنه القارئ، لأن الشخصية قد تكون شريرة لكن لها ما يبرر شرها في الرواية، فتكون الإدانة للظروف التي دفعتها إلى ذلك، وليس لها كإنسان ضعيف مسلوب الإرادة يصارع قوى أكبر منه، فالموقف من الشر أو الخير لا يرتبط بالضرورة بمظهر الشخصيات، لكنه جو عام يشيع في الرواية ويحسه القارئ عن طريق وجود صراع ما، ظاهر أو باطن، ونعود هنا إلى فكرة (الصراع) التقليدية التي نشأت عليها الدراما قصداً لأنها أزلية في الوجود الإنساني .
مثل تلك الروايات الباهتة الرؤية قد كثرت في الأدب العربي في السنوات الأخيرة، وليت الأمر قاصر على روايات مغمورة لكتاب لا يعرفهم أحد، لكنه موجود في روايات ذات شهرة، فما هو الموقف الذي يمكن أن نتخذه من بطلة رواية “بروكلين هايتس” لميرال طحاوي، وما هو المنظور الروائي الذي يمكن أن تقدمه لنا الرواية غير تلك التداعيات السردية لحكاية بسيطة لامرأة عاشت في وطنها بلا أهداف وسافرت إلى أمريكا من دون طموحات، وعاشت هي وابنها حياة عادية ككل المهاجرين؟ والتساؤلات نفسها تطرح عن رواية “روائح ماري كلير” للحبيب السالمي، ويضيق المقام عن الأمثلة وشرحها .
dah_tah@yahoo.fr

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق